الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد:
اختلف في وجوبه هل هو على الفور أو التراخي، فقال ابن قدامة الحنبلي: إن من وجب عليه الحج فأمكنه فعله وجب عليه على الفور، ولم يجز له تأخيره، وبهذا قال مالك، وروي مثله عن أبي حنيفة، وهو الراجح لقوله تعالى "ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا "ولحديث ابن عباس مرفوعا "تعجلوا الحج –يعنى الفريضة- فإن أحدكم لايدرى ما يعرض له "0)وقال :من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة)واحتج الأحناف بأن الأمر بالحج يحتمل الفور ويحتمل التراخي، والحمل على الفور أحوط؛ لأنه يدفعه إلى المسارعة في أداء واجب الحج، فإن كان على الفور فقد عمل الواجب، وإن كان على التراخي فلا يضره تعجله في أدائه.
وقال الشافعي: بل هو على التراخي وليس على الفور، وبه قال الأوزاعي، والثوري، ومحمد بن الحسن، والشيباني. واحتجوا بأن فريضة الحج نزلت بعد الهجرة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تمكن من الحج سنة ثمان وسنة تسع للهجرة، وتمكن كثير من أصحابه من الحج، ولم يحج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا سنة عشر للهجرة حيث حج النبي -صلى الله عليه وسلم- بأزواجه وحج معه أصحابه، فدل ذلك على جواز تأخير الحج، وهذا دليل الشافعية، واحتجوا أيضًا بأنه إذا أخره من سنة إلى سنة أو أكثر، ثم قام بالحج فإنه يعتبر مؤديًا للحج، وليس قاضيًا له بإجماع الفقهاء، ولو حرم التأخير أو فات وقته لكان حجه قضاء لا أداء، كالذي يصلي الظهر بعد فوات وقتها تعتبر صلاته قضاء لها وليس أداء في وقتها. والله أعلم
|